ظلال الهجير (5)
قصة إخلاص:
روى أن مسلمة بن عبد الملك القائد الأموى كان يحاصر حصنا استعصى عليه ، فتقدم رجل ملثم (مخفيا وجهه) و أحدث فى الحصن نقبا استطاع المحاصرون من المسلمين أن يستولواعليه بسبب هذا النقب ،ففرح مسلمة ونادى :أين صاحب النقب؟ فلم يأته أحد ،فنادى مرة أخرى
:إنى أمرت حاجبى بإدخاله على ساعة يأتى فعزمت عليه إلا جاء ، فجاء رجل إلى الحاجب و قال :استأذن لى على الأمير ، فقال له الحاجب أأنت صاحب النقب ؟ قال: أنا أدلكم عليه . فدخل على الأمير فلما مثل بين يديه قال له : أيها الأمير إن صاحب النقب يشترط عليكم ثلاثا : ألا تبعثوا باسمه فى صحيفة إلى الخليفة ، و ألا تأمروا له بشىء ، و ألا تسألوه من هو؟ قال مسلمة : فله ذلك . فقال الرجل فى استحياء : أنا صاحب النقب ثم ولى مسرعا، فاندس وسط الجنود ، فكان مسلمة لا يصلى صلاة بعدها إلا دعا فيها : اللهم اجعلنى مع صاحب النقب يوم القيامة.
******************************************************حياء أعرابى:
روى أن أعرابيا وقف على سيدنا على بن أبى طالب فقال: إن لى إليك حاجة رفعتها إلى
الله قبل أن أرفعها إليك ،فإن أنت قضيتها حمدت الله وشكرتك ، وإن لم تقضها حمدت الله تعالى و عذرتك . فقال على : خط حاجتك فى الأرض فإنى أرى الضر عليك (أى الحياء) . فكتب الأعرابى على الأرض ( إنى فقير) . فقال على : يا قنبر ادفع إليه حلتى الفلانية فلما أخذها مثل بين يديه فقال:
كسوتنى حلة تبلى محاسنها **** فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا
إن الثناء ليحيى ذكر صاحبه*** كالغيث يحيى نداه السهل و الجبلا
لا تزهد الدهر فى عرف بدأت به *** فكل عبد سيجزى بالذى فعلا
فقال على : يا قنبر أعطه خمسين دينارا ، أما الحلة فلمسألتك ، وأما الدنانير فلأدبك ، سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول : (أنزلوا الناس منازلهم)
******************************************************
ليس بين الشهيد و بين الجنة سوى أن يموت:
سمع الصحابى عمير بن الحمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قوموا إلى جنة عرضها السماوات و الأرض ) فقال عمير : جنة عرضها السماوات والأرض؟ و كانت بيده تمرات يأكلها فألقاها و قال : لئن حييت حتى آكل تمراتى هذه إنها لحياة طويلة ، واستل سيفه ونزل إلى ساحة الوغى يقول :
ركضا إلى الله بغير زاد **** إلا التقى و عمل المعاد
و الصبر فى الله على الجهاد *** وكل زاد عرضة للنفاد
غير التقى والبر والرشاد
ثم قاتل رضى الله عنه حتى قتل .
******************************************************
( من أمثال العرب ):
جزاه جزاء سنمار :
يضرب مثلا للمحسن يكافأ بالإساءة إليه ، و سنمار هذا رجل من الروم ، وكان قد بنى للملك (النعمان )قصرا عظيما بالكوفة فلما فرغ من بنائه ألقاه الملك من أعلى القصر حتى لايبنى قصرا آخر مثله لأحد فسقط ميتا.
******************************************************
جلس النعمان بن المنذر-ملك العراق-تحت شجرة متنزها يشرب الخمر فأراد عدى بن زيد أن يعظه -وكان رجلا حكيما فقال له : أيها الملك أتدرى ماذا تقول هذه الشجرة ؟
قال: ماذا تقول ؟ قال عدى : تقول :
رب ركب قد أناخوا حولنا*** يمزجون الخمر بالماء الزلال
ثم صاروا لعب الدهر بهم *** و كذا الدهر حالا بعد حال
فتنغص النعمان و ترك الخمر و بقى متكدرا حتى مات.
تعليقات