"خواطر" للأستاذة الفاضلة : وصال تقة



ليس كل ما نتمناه نحققه ، فلنعش كما الفراشات نتنقل بين الأمنيات و نرشف من رحيق الأحلام ونستعيض عما لم نستطع إنجازه بما نستطيعه ..
لا مكان للفراغ في بساتين الأحلام..
____________________________________________________



  • وبي رغبة عارمة في هذه اللحظة أن أنظر إلى السماء من أقباء الحرم، وأن تختلج عبراتي، فأمرغ بها الأرض تحت جبهتي ،وأبكي وأبكي دون أن أضطر إلى مسح مدامعي، لرؤية من بالقرب.. أن أبث كل ذاك الهم الجاثم فوق أنفاسي وأن أسأل واسع الفضل ذا الخزائن من خير ما عنده ..

أن أنبعث من دمعة، و أن أنبثق من سجدة، و أن أولد من دعوة .. أن تهيم روحي في اغتسالها من أدرانها ومن الوحل الذي يشد منها المسير........
___________________________________________________________________________

  • مقتطف من قصة (اعترافات متأخرة (

"
أرض الشوك"

كنت أعلم أنك – كما دوما- ستمارسين عادتك في الاغتسال بدموعك الحرى ،دون أن تلجئيني لمسح وجنتيك الذابلتين، و لا لأن أتلو على مسامعك تراتيل الاعتذار و قواميس البوح الجميل ..و أنك ستتوسدين النجوم وستحلبين القمر، وستجعلين –كما دوما -كل الأفلاك تشهد أن قطار المسافات البعيدة قد آن له أن يتوقف..وكنت على يقين أنك –كما دوما- ستتوهين في زقاق فؤادك، وستتقاذفك سكك الشوق إلي؛فتعودين حتما إلي. وكطفلة تائهة لمحت أمها سترتمين بين أحضاني ..سأبعد رأسك عني وسأُخجل توسلاتك ..ستلاحقينني كما تلاحق القطا أسرابها أوكما يتبع هر وليد أمه ..وسأصعد كل الأدراج ..و سأعلو كل الأبراج ،وسأجعل لحن نحيبك يتردد صدى في سراديب صوتك الأبكم ..وحينما ستنهارين سأجد لك ألف حكاية وحكاية لأجعلك تركعين و تخضعين ..وسأجد لنفسي ألف عذر وعذر لأمارس طقوس ذكورتي وفحولتي ..
وستبكين ..وستنتفضين ..وستعترفين ألا منجى لك مني إلا إلي..وسأوصد دون أحلامك الصغيرة أبوابي وسأحتفي –كما العادة- بتباشير النصر وسأقيم – كما العادة- مهرجانات النشوة على طللك المتهشم بمعاولي..
لكنك هذه المرة لم تفعلي..
لم تمرغي أنفك القرمزي في صدري و لم تبلليني بدموعك الحرى ،و لم ترمقيني بنظراتك الطفولية المنكسرة .. لم تلوذي بي ولم تنكسري بين يدي ولم تهبي لي فرصة تمزيق دفاتر ولهك وتشريد حروف بوحك الحزين..وجعلك تتلين على مسامعي فصول البيعة ودساتير الولاء ..
يومها ..لم أعلم أن انفجارا قويا سيحدث وسيجعل تلك الروح التي أبت دون روحي المساكن ، يسكنها جني الثورة ويتلبس بها مارد التحدي فأرقبها في صمت ،يداي إلى عنقي والحيرة تلجمني ،وهي تنساب من بين حناياي و من تفاصيل رموشي ومن بين أناملي ،دون أن أستطيع لملمة طيفها .. و أن العاصفة ستقتلع ذلك العش الذي شيدته يوما على فوهة بركان خامد

__________________________________________________
  • (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر )

- "التكاثر" مصدر على وزن تفاعل ،وهذا الوزن يعني -من بين ما يعنيه- التدرج أي حصول الفعل شيئا فشيئا . وهذا ينبهنا إلى أن الفعل أو الشيء المتكاثر به قد يكون في أصله محمودا ،لكن الإفراط في الاستكثار منه، والتكاثر به هو المذموم وهو الذي يوصل للمنهي عنه ،

قد يكون تكاثرا بالأولاد ، فيلهيه ذلك عن تربيتهم تربية صحيحة ،واحتساب الأجرعند الله .........
وقد يكون تكاثرا بالمال يسعى لحيازته ،والمفاخرة به فيسلك طرقا غير مشروعة في تحصيله وفي إنفاقه ، وشغله الشاغل التفاخر به على أقرانه ومثلائه ، لا إنفاقه في سبيل الله وفي وجوه الخير ..
قد يكون التكاثر بالقبيلة وهذا مشاهد مرئي بشكل خاص في الأرياف والبوادي ..
قد يكون التكاثر بالشواهد العلمية الأكاديمية فترى المرء يمضي وقته في حصد الشهادات وقد يلهيه ذلك عن تحصيل العلم الشرعي وفهم الدين..
وقد يكون التكاثر بالعلم الشرعي،فيمضي كل وقته في تحصيله وقد يضيع بذلك حقوقا ويتلف واجبات ؛ بل قد لا يجد الوقت للتطبيق العملي لما حصّله ،أو قد يصرفه العكوف عليه عن ذلك..أوقد تكون نيته غير خالصة لله ...

_______________________________________________________



- المؤمن مطالب بحضور فكره ووعيه وتدبره لأفعاله في كل مراحلها ،فقد نعلم حال إقبالنا على الفعل أنه مطلوب أو أنه مباح ، لكننا قد لا نتنبه في مراحل متقدمة من أننا جاوزنا الحد في طلبه ،أو قد نتنبه ولكن حين فوات الأوان ، وذلك حتى يبقى وسطا دائما فلا إفراط ولا تفريط ،ولعل هذا هو المطلوب من هذه الأمة وهو سمتها :(وكذلك جعلناكم أمة وسطا...)
_______________________________________________________
-
ثقافة الكم والعدد تلهينا عن الكيف والنوع ، وتنقلنا من الأداء الحقيقي العميق الدقيق ،إلى الأداء السطحي المبني على الكثرة ، فيصبح المعيار : كم ختمت من ختمة ؟(على حساب التدبر) ، كم صليت من ركعة ؟ (على حساب الخشوع )كم ألقيت أو استمعت من محاضرة ؟(على حساب الوعي والفهم وتفعيل ما نسمع وما نقول في الواقع) كم تحفظ من القرآن ؟ ( على حساب تطبيق أحكامه واتباع أوامره و الانزجار بنواهييه ) كم لك من الأتباع و الأنصار؟( على حساب اجتماعهم على الحق والصواب (...

 _______________________________________________________

     قالت : أراك متقلبة بين حزن وشجن ،وبين أمل وتفاؤل ؟
فقلت : هل يمنع الحزن الدفين من أن نستبشر كي تكون لنا البشرى؟ وهل يمنعنا الاستبشار من أن نتألم؟
ابيضت عيناه - عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام- لفراق الحبيب وقال يا أسفى وتولى وهو كظيم كميد كئيب مغموم مكروب وقال (وأعلم من الله ما لاتعلمون ) فهل أثناه الحزن عن الأمل فيما عند ربه الكريم الجواد؟ و قال قبلها : ( عسى الله أن يأتيني بهم جميعا)،فهل أثناه أمله ورجاؤه في لقاء أبنائه وفي فرج ربه عن أن يحزن و يتألم ؟
الآلام لا تبرح من كان له حس ، والأحزان والخيبات سُنة المجبولة على الكبد والنصب ، ونحن متقلبون بين بسمة وزفرات وبين نشوة و دمعات ، وإذا ما صفت لنا ساعة فعلينا أن ندرك أنها إلى غيوم وكدر ، و أن الأصل في الحياة الهمّ والغم والمصائب حتى لا نركن إلى الدنيا ولا نستعذب صفاءها المؤقت ، وحتى تتوق أنفسنا إلى دار السعادة الدائمة ، و نكون دائمي الأهبة والاستعداد لما تلقيه الأقدار في طريقنا ، متوقعي الاصطدام بالخيبات حتى لا نتلقاها تلقي المعتوه الذي يفزع لسماع قطرة ماء منحدرة فوق زجاج نافذة ..
______________________________________________________
ما أقبره القلب فلا بعث له ولا نشور..
و ما أسقطته العيون ؛فهل من جبر للكسور ؟؟؟
فيا سعد من وأد الفؤاد ومارس العمى
ونسف ما يوغر الصدور..
 _____________________________________________________


الشمس المحتشمة هذا الصباح أخذت أخيرا قرارها و اقتحمت نسيج المزن ..
وُلدت هذا اليوم مرتين ، مرة بإطلالة الفجر ومرة من بوتقة الاقتحام ..
 ______________________________________________________


(هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ)


بعض الأمور التي نستعظمها ليست بشيء عظيم في جانب حكمة الله و إرادته وقوته وعزته وغناه سبحانه ..
بعض الأذى الذي يصيبنا ،وبعض الضر الذي يمسنا لا يصرف إنفاذ مراد الله و لا يعطل رسالته سبحانه التي ارتضاها لعبيده ..النبي صلى الله عليه وسلم عاش الفقر والحروب وأوذي ومسه الضر وأهله ،واتهمت زوجته الطاهرة زورا وبهتانا ،وكسرت رباعيته الشريفة ،ولكن لم يعطل ذلك رسالته التي اختارها الله لعباده .(هو علي هين)
وبعضنا قد يصاب في بدنه أو في ماله أو في ولده ،ولكن يحفظ الله عليه دينه ،فما بلاؤه أمام حفظ الدين؟(هو علي هين)
وما الذنب أمام رحمة الله لمن تاب وأصلح و أناب؟(هو علي هين)
وما الفقر أمام غنى الله لمن توكل عليه حسن التوكل وأخذ بالأسباب وافتقر لمولاه وأطال قلبه السجود بين يديه سبحانه ؟(هو علي هين)
وما الذل أمام عزة الله لمن تملق وتذلل وأناخ مطاياه بباب الله ؟(هو علي هين )

فاللهم حقر في قلوبنا الدنيا ،وهون في أعيننا مصائبها ،ولا تجعل مصيبتنا في ديننا .
اللهم إنا نسألك يقينا صادقا وإيمانا كاملا وقلبا متعلقا بك وبجودك ورحمتك .

 _______________________________________________________

على جفون الندى..... (البسيط(:

على جفون الندى في رحلتي أهذي ... يقتادني النبض بين الورد واللحد
يعانق الليل طيف الموت في كفني... ويكتم الصبح وجه القرب والبعد
أوَ يُدفن النبض سرا في مدافننا ... وتُمنع الروح عطرَ البوح والشهد؟
ويَطرد الزهر أحلاما مثوَّرة ... أما كفاها الجوى من وطئة السهد
أما ينسم روحي عطرُ أوبتها ... فتنقذ النبضَ من ترسانة الفقد
***************************************************
قرر من أنت .. كي تسهل على من حولك أن يعاملوك
***************************************************

روح شفيفة ، وحس متجذر في العمق ، وعيون محبة للجمال ..
تلك كل القضية حتى تستشعر الجمال في كل ما يحيط بك ، وتجعل من كل القصاصات موضوعات للتأمل والتفكر ..
  

قد لا تتوقف الحياة بسبب حلم ضائع بين قصاصات الأحلام ، و أمنية تائهة عن دروب
  الأمنيات.. سيسير القطار ، والمركب الذي اعتاد الرحيل سينصب شراعاته وسيسير وسيعبر كل البحار .. وستقذفه موجة لموجة لموجة .. سيقف مليا عند المرافئ ، وسيكمل رحلته المتقلبة بين مد وجزر .. وسيسير ..
سيعبر القطار كل السكك ، وسيقف حتى في المحطات الفارغة من المسافرين كي يثبت لهم أنه إن لم يحملهم فلأنهم قد تخلفوا عن الميعاد لا لأنه لم يقف بمحطتهم .. سيحمل على متنه أقواما وسيُنزل آخرين .. وسيعبر كل السكك ، وسيسير..
وستسير الحياة ..
لكن شيئا في الأعماق سيظل يكبح ذلك العصفور القابع في أعماقنا المتحين فرصة التحليق فوق الآكام .. فوق الخمائل .. فوق رؤوس التواقين لبذر الأحلام وزرع الأمنيات ..
لا شيء سيوقف القطارات ولا المراكب.. ولن يحقق العصفور أمنيته في التحليق مادام مكبوح الجناحين..
 ____________________________________________________

حطم قيدك ،واغتسل بماء التوبة كي تنبت كما تنبت الحبة في حميل السيل ، و ارحل عن بِرَك المعصية والدون التي تغرقك في أوحالها وتثثقل خطوك وتهوي بك في سُحْقِها..
واعلم أن حبك الخير للناس الذي جبلت عليه إنما هو جذوة تذكرك بأن في أعماقك طاقات نور آسنة قد غيرها طول المكث ،وروح تواقة للعلا يكبحها التسويف تارة و العجز والكسل أخرى والغفلة بين هذا وذاك تسقيها حممها ..
قم وانفض عنك الغبار ،و أسعف روحك التواقة للسمو ..كن "فردوسيا " "كوثريا" ،واترك ملاهي الحياة وملاذها للمغضوب عليهم وللضالين ..

 _______________________________________________________

ويوم صنعوا ورودا من لدائن ، كان علينا أن نعلم أن العبق لن يصبح له ثمن..

 ______________________________________________________




 قلت لها : حرري نفسك من ربق العبودية.. لا تجعلي سعادتك مرتبطة بشخص أو بشيء..

أنهيت كلامي ثم رجعت لنفسي أتهمها على تلك المغالطة التي يفتيها علينا أحيانا الإغراق في طلب الحكمة ..
و ما السعادة إن لم تكن ارتباطا بشخص أو بمكان أو بزمان أو بشيء؟
وما الإشراقة إن لم تكن لرؤية خيوط الفجر أو لملمس جورية واستنشاق عبيرها ؟ أو لإبحارة في عيني طفل مواربتين تتلمسان الدفء في عينيك والأمان في أحضانك؟
وما التحليق طربا إن لم يكن في سفر عبر دفتي كتاب أوله كتاب الله؟
و هل لرواية الحياة من مسمى وهي منفصلة عن الزمان والمكان والشخصيات؟
ما السعادة إذن ، وقد جردناها من تفاصيل السعادة؟

................................................................................................................

(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا ، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى. الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ - إِلَّا اللَّمَمَ - إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ. هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ، وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ. فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ. هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى )النجم)

-
لوما كان لله من صفات سوى الملك والعلم لكانتا كفيلتين بجعلنا نرتدع ونرعوي، فالمالك المتصرف في ملكه أحق بأن يطاع فلا يعصى ويعبد فلا يشرك به ، والعليم المطلع على خبايا عباده الرقيب على سرائرهم أحق بأن يتقى ..لكنه تكالب العاصي الأول والمتفلتة المتقلبة ..
..............................................................................................................

أرج أغصان الحنين ما بين تفاصيل الذكرى و نتوء النسيان .. أهدهدها كما طفل .. كما جدائل الطفلة التي كنتها حينها .. حينما كان للربيع تفاصيل لا يخطئها من يتنفس عبقا و يرتوي من تباتيل الطير ، وطقوسا لا يتقنها إلا من تحلق روحه بحثا عن وجه الصباح في تفاصيل ثمرة توت ..
تهتز الأغصان طربا و معها الذكرى ، تنتفض فتلقي بين كفي عسجدا .. و توتا .

 
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيده شباب الاسلام

إني تذكرت والذكرى مؤرقةٌ ..للشاعر الكبير : محمود غنيم

التدخين رحلة إلى الهلاك