حكم نمص شعر حاجبَي المرأة كتبه د . أحمد عبد الكريم نجيب

حكم نمص شعر حاجبَي المرأة
 
السؤال :
ما الحكم الشرعي في تنظيف البشرة من الشعر الزائد ، كزوائد الحاجبين ، و خاصّةً إذا كان ذلك بأمرٍ من الزوج الذي يرى فيهما قُبحاً تجب إزالته ؟
الجواب :
إزالة شعر بَدَن المرأة جائزٌ في الأصل ، و لم يرِد النهي عن شيئٍ منه سوى نمص ( نتف ) شعر الحاجبيَن .
و تحريم النمص مستفاد من نهي القرآن الكريم عن تغيير خلق الله ، كما في قوله تعالى حكاية عن إبليس : ( و للآمرنهم فليغيرن خلق الله ) .
قال ابن العربي في تفسير هذه الآية ، بعد ذِكر ما يؤيّدها من السنّة :
( النامصة : هي ناتفة الشعر تتحسن به ) ، و قال أيضاً : ( و هذا كله تبديل للخلقة و تغيير للهيئة و هو حرام . و بنحو هذا ، قال الحسن في الآية ) .
أمّا أدلّة تحريم النَّمص في السنّة فمنها ما رواه مسلم في صحيحه ‏و الترمذي و أبو داود و أحمد عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه ‏قَالَ : ( ‏لَعَنَ اللَّهُ ‏ ‏الْوَاشِمَاتِ ‏ ‏وَ الْمُسْتَوْشِمَاتِ ‏ ‏وَ النَّامِصَاتِ ‏ ‏وَ الْمُتَنَمِّصَاتِ ‏ ‏وَ الْمُتَفَلِّجَاتِ ‏ ‏لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ ) ، فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ ‏ ‏بَنِي أَسَدٍ ‏‏يُقَالُ لَهَا ‏أُمُّ يَعْقُوبَ ‏ ‏وَ كَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ ‏ ‏الْوَاشِمَاتِ ‏ ‏وَ الْمُسْتَوْشِمَاتِ ‏ ‏وَ الْمُتَنَمِّصَاتِ ‏ ‏وَ الْمُتَفَلِّجَاتِ ‏ ‏لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : ( ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏ ‏وَمَا لِي لا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ) .
قال ابن الأثير : ( النمص : ترقيق الحواجب و تدقيقها طلباً لتحسينها . و النامصة : التي تصنع ذلك بالمرأة ، و المتنمصة : التي تأمر من يفعل ذلك بها . والمِنماص : المنقاش ) .
و قال النووي في شرح صحيح مسلم : ( ‏و أما النامصة فهي التي تزيل الشعر من الوجه , و المتنمصة التي تطلب فعل ذلك بها , و هذا الفعل حرام إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب , فلا تحرم إزالتها , بل يستحب عندنا ... و إن النهي إنما هو في الحواجب و ما في أطراف الوجه , ويقال للمنقاش مِنماص بكسر الميم ) .
ثمّ ذكر روى عن ابن جرير الطبري قوله في تحريم النمص لما ينبت من شعر على الوجه مطلقاً .
قلتُ : و العلّتان المذكورتان في الحديث هما : طَلبُ الحُسن ، و تغيير خلق الله ، و يجبُ استصحابهما في الحُكم الشرعي على النامصة و المتنمّصة ، إذ لا ريب في أن الله تعالى خَلَق الإنسان فسوّاه فعَدَله ، فمن عَمَد إلى تغيير خلقِ الله ظنّاً منه أنّ في ذلك تحسينٌ للخِلقة فقد أساء ، و وَقعَ في المحظور .
جاء في تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي : ( مبتغيات للحسن ) ‏أي طالبات له حالٌ عن المذكورات ‏‏( مغيرات خلقَ الله ) ‏‏هي أيضا حالٌ و هي كالتعليل لوجوب اللعن ) .
أمّا إذا كان ذلك للتداوي ( كما في إزالة السنّ و التالول و الاصبَع الزائد ) فلا بأس به عند الجمهور ، و إن لم يكن في بقائه ألمٌ أو أذىً ظاهر ، خلافاً لما ذهب إليه ابن جرير و من وافقه من اشتراط وقوع الضرر و التأذّي به .
و لا أرى بأساً في إزالة ما بين الحاجبين من شَعر ، لأنّهما ليسا من الحاجبين في العرف ، فلا يأخذان حكمهما في الشرع ، و الله أعلم .
و لا عبرة لرضا الزوج في تحريم النمص ، و لا تجب مجارات رغباته باقتراف ما حرّم الله ، إذ لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق ، و لكنّ الطاعة في المعروف .
روى الشيخان و أبو داود و النسائي و أحمد عنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم قَالَ : «‏ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ »‏ .
و بالله التوفيق ، و عليه الاتكال .(صيد الفوائد)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيده شباب الاسلام

إني تذكرت والذكرى مؤرقةٌ ..للشاعر الكبير : محمود غنيم

التدخين رحلة إلى الهلاك