من ساعة إلى ساعة فرج
قال المفضل: كنت جالسًا على بابي – وأنا محتاج إلى درهم وعليَّ يومئذ عشرة آلاف درهم دينا – إذ جاءني رسول المهدي فقال : أجب الأمير . فقلت ما بعث إلي في هذه الساعة إلا بسعاية ساع ، وتخوفت لخروجي – وكان معي إبراهيم بن عبدالله بن حسن – فدخلت بيتاً لي فتطهرت ولبست ثوبين نظيفين وصرت إليه فلما مثلت بين يديه سلمت ، فرد السلام عليَّ وأمرني بالجلوس، فلما سكن جأشي قال لي . يا مفضل ، أي بيت قالته العرب أفخر ، فتشككت ساعة ثم قلت : بيت الخنساء –وكان مستلقيًا فاستوى جالساً ثم قال: وأي بيت هو؟ قلت قولها :
وإن صخرًا لتأتم الهداة به .... كأنه علمٌ في رأسه نار
فأومأ إلى إسحق بن بزيغ ثم قال له : قد قلت لك ذلك ، فقلت : الصواب ما قاله أمير المؤمنين ، ثم قال : حدثني يا مفضل، فقلت : أي الحديث أعجب إلى أمير المؤمنين؟ قال: حديث النساء. فحدثته حتى انتصف النهار، ثم قال : يا مفضل، أسهرني البارحة بيتا ابن مطير . فقلت : وما هما يا أمير المؤمنين ، قال : قوله :
وقد تغدر الدنيا فيضحي غنيها...... فقيرًا ويغنى بعد بؤس فقيرها
فلا تقرب الأمر الحرام فإنما............ حلاوته تفنى ويبقى مريرها
فقلت: مثل هذا فليسهرك يا أمير المؤمنين ، ثم قال : ألهذين ثالث يا مفضل ؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين وأنشدته :
وكم قد رأينا من تغير عيشه........... وأخرى صفا بعد انكدار غديرها
وكان المهدي رقيقًا فاستعبر ثم قال : كيف حالك؟ قلت : كيف حال من هو مأخوذ بعشرة آلاف درهم ، فأمر لي بثلاثين ألف درهم وقال : اقض دينك وأصلح شأنك فقبضتها وانصرفت.
تعليقات